-->

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم

اصلاح القضاء المغربي

اصلاح القضاء المغربي



*  تــقــديــــم.
إن أحد أسس دولة الحق والقانون هو القضاء النزيه والمستقل،  وهو رافعة ضرورية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولا يمكن تحقيق الأمن للمواطنين والعدل بينهم بدون قضاء نزيه ومستقل يثق فيه الجميع، وبناءا عليه فمن الضروري إعطاء القضاء الأهمية التي يستحقها وذلك عن طريق تكريس استقلال السلطة القضائية ومدها بجميع الوسائل والضمانات.
          فالسلطة القضائية أهم السلطات في العصر الحديث ولا يمكن لها أن تقوم بالمهام الجسام الملقاة على عاتقها إلا من خلال استقلالها استقلالا تاما عن باقي السلطات ويجب أن يكون القضاة محصنين ضد أي تعسف من أي شخص مهما كان لأن واجب القاضي أن ينظر في القوانين ويطبقها وليس إلى الأشخاص ليرضيهم أو يتقيهم.
      و هذا ما تؤكده من جهة مرجعيتنا الدينية التي تنص على ضرورة الحكم بين الناس بالعدل ومن جهة أخرى ما نص عليه الدستور المغربي من استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
    إن حرص جلالة الملك محمد السادس منذ توليه العرش وفي مناسبات عديدة على الدعوة إلى تطبيق إصلاح شامل للقضاء، وجاءت هذه الدعوات بالتوالي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس المجلس الأعلى عند توجيه جلالته  لرسالة إلى المشاركين من جهة وكذا بمناسبة خطابي يناير 2003 و غشت 2009 والتي عكست جميعها إرادة حادة لتحقيق إصلاح شمولي للقضاء في أفق تعزيز استقلاله وترسيخ ثقة المغاربة في العدالة وضمان أمنهم القضائي عبر تأهيل وتخليق القطاع وجعله يلعب دورا أساسيا في ترسيخ الديمقراطية وبناء دولة القانون وتكريس مبادئ حقوق الإنسان وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمار.
و منه سنقوم بتقسيم  موضوعنا هذا إلى  ثلاث مباحث أساسية.
إذ سنعالج في المبحث الأول: أسس إصلاح القضاء بالمغرب.
و سنتتطرق في مبحث ثان  للمحاور الكبرى لخطة الإصلاح التي جاء بها الخطاب
الملكي السامي لذكرى ثورة الملك والشعب 2009.                     
أما دور كتابة الضبط في إصلاح القضاء  فسوف نتناوله من خلال مبحث ثالث.














خطة البحث:
v  مــقــدمــــة.
v  المبحث الأول: أسس إصلاح القضاء المغربي.
1.    الدين الإسلامي.
2.    الدستور المغربي.
3.    التوجيهات الملكية السامية.
4.    تفعيل دور الحكومات المتعاقبة على إنجاح خطة الإصلاح.
5.    الوعي الوطني الشامل بضرورة الإصلاح.
v             المبحث الثاني: المحاور الكبرى لخطة الإصلاح انطلاقا من الخطاب الملكي السامي لذكرى ثورة الملك والشعب 2009.
1.    تعزيز ضمان استقلال القضاء.
2.    تحديث المنظومة القانونية.
3.    تأهيل الهياكل القضائية و الإدارية.
4.    تأهيل الموارد البشرية.
5.    الرفع من النجاعة القضائية.
6.    تخليق القضاء.
v  المبحث الثالث: دور كتابة الضبط في إصلاح القضاء.
1.                                                          تكريس سياسة التكوين الأساسي و المستمر لكتاب الضبط.
2.                                                          تعزيز اختصاصات رؤساء المصالح.
3.                                                          تعميم الإجراءات الإلكترونية وخلق شبكة موحدة بين جميع المحاكم.
4.                                                           التعجيل بقانون أساسي محصن ومحفز لهيئة كتابة الضبط.
v  خــاتــمــة.









v  المبحث الأول: أسس إصلاح القضاء المغربي.

          تعد العدالة التي هي عماد سلطة الدولة ، أساس الديمقراطية التي تحمي الحقوق والحريات، وتضمن تبعا لذلك سمو القانون وتوطيد دولة الحق و القانون.
          إن العنصر الذي يتحكم في الثقة التي يوليها المواطنون والشركاء الأجانب لنظام حكم معين، ويساهم بشكل فعلي في التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو الإحساس بالأمن والاعتقاد الراسخ بأن القانون يطبق على الجميع مع إمكانية توقعه.
         إن المغرب وحتى يكون مسلحا بديمقراطية مسؤولة وذات مصداقية على الساحة الدولية باتت خطة إصلاح القضاء ضرورة حيوية، و نهجا لا يمكن التراجع عنه.
         وإن كان يجب أن يأخذ هذا الإصلاح بعين الإعتبار التجارب الأجنبية التي ثبتت فعاليتها فإنه يتعين أن يستند أساسا على تاريخنا وثقافتنا وإرثنا القانوني وتطلعاتنا.
        لذا سنحاول التطرق لكل الأسس القويمة و الفاعلة  في هذا الإصلاح، كل على حدة:

1.        الدين الإسلامي:

       يولي الدين  الإسلامي الحنيف للعدالة ولكل من يتولى الحكم مكانة رفيعة ويجعل العدل أساسا لكل مجتمع منظم. وإذا كان الإسلام يحيط القضاء بمظهر الهيبة والوقار، فإنه يشترط في المقابل بأن يتصف بالصرامة والكفاءة والنزاهة.
يقول سبحانه في محكم كتابه العزيز:
{وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58
       ففي الإسلام إذن مصادر لا تنضب يمكن استثمارها للرفع من البعد الأخلاقي للعدالة ولإعادة التفكير في النظام الاجتماعي للقضاة والتصدي لكل تقصير أو انحراف.

2. الدستور المغربي:

           خص الدستور المغربي السلطة القضائية باستقلال تام عن كل من السلطة التنفيذية والتشريعية، ويضمن عدم قابلية قضاة الحكم للنقل والعزل ووضع المجلس الأعلى للقضاء تحت الرئاسة  الفعلية لصاحب الجلالة.

          فالدستور إذن يكرس استقلال السلطة القضائية كمبدأ أساسي، ليس كامتياز يمنح للقضاة ولكن كشرط لضمان حسن سير العدالة وفرض نزاهتها وحقا للمواطنين في عدالة مستقلة.


3. التوجيهات الملكية السامية.

        ألح صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله مرارا وبشدة خلال التسعينات على الضرورة القصوى لتحديث عدالتنا وانفتاحها وأثار أيضا انتباه الجميع إلى وظائفها الأخلاقية والاجتماعية  والاقتصادية .
إد جاء في إحدى خطبه تغمده الله برحمته:
      "... العدل من مقومات التماسك الاجتماعي، وأنه عامل حاسم لتعميق الديمقراطية في المجتمع، ودعامة أساسية لترسيخ دولة القانون .
       إن التحولات التي يعرفها عالمنا المعاصر، ومن ضمنه المغرب، تدعونا إلى توسيع منظورنا للعدالة، لا من الناحية الخلقية والسياسية والاجتماعية فحسب، ولكن كذلك من حيث تنامي دورها الاقتصادي ومن حيث الوعي بإسهامها في التنمية .."

       ومن جهته وضع صاحب الجلالة  الملك محمد السادس نصره الله ، منذ أول خطاب للعرش ترسيخ دعائم دولة القانون في قلب انشغالاته ، وجعل منها أولوية لملكه، ومنذ ذلك الحين ما فتئ جلالته يؤكد على هذه المسألة .
إذ جاء أول ( خطاب للعرش 30 يوليوز 1999).
     "نحن متشبثون أعظم ما يكون التشبث بنظام الملكية الدستورية ..، وإقامة دولة الحق والقانون" .

          أما الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة ترؤس جلالته افتتاح السنة القضائية  بأكادير، يوم 29 يناير 2003 فقد جاء فيه ما يلي:
         "إننا مع تنويهنا بما تحقق من منجزات نعتبر أن برنامج إصلاح القضاء طموح وشاق وطويل، وإننا لعازمون على تسريع وثيرته لتحديث جهاز العدل وتخليقه وتأهيله.  وها نحن اليوم، نتخذ تدابير ملموسة، ليسهم القضاء في البناء الجماعي لمغرب الديمقراطية والتنمية.
   وهكذا، وتجسيدا لنهجنا الراسخ للنهوض  بالاستثمار، وتفعيلا لما ورد في رسالتنا الموجهة لوزيرنا الأول في هذا الشأن، فإننا ندعو حكومتنا إلى مواصلة الجهود، لعصرنة القضاء، بعقلنة العمل،‏وتبسيط المساطر، وتعميم المعلوميات. كما يجب تنويع مساطر التسوية التوافقية،لما قد ينشأ من منازعات بين التجار، وذلك من خلال الإعداد السريع لمشروع قانون التحكيم التجاري، الوطني والدولي، ليستجيب نظامنا القضائي لمتطلبات عولمة الاقتصاد وتنافسيته، ويسهم في جلب الاستثمار الأجنبي"

        وهذه  طبعا ما ي  إلا مقتطفات من الخطابات الملكية السامية المتعددة والتي تطرقت لمختلف المعالم البارزة والأساسية للنهوض بخطة الإصلاح الشامل والعميق للمنظومة القضائية بصفة عامة دون استثناء، ولعل الخطاب الملكي السامي للذكرى السادسة والخمسون لثورة الملك والشعب 20 غشت 2009 لخير دليل على التوجهات المولوية و الرعاية السامية التي يوليها  للجهاز القضائي المغربي، إذ سنقف على المحاور الكبرى التي جاء بها الخطاب عند تطرقنا للمبحث الثاني.

4.  تفعيل دور الحكومات المتعاقبة على إنجاح خطة الإصلاح.

             جعلت الحكومة من إصلاح العدالة أحد أهدافها الرئيسية وتعتبر نفسها معنية إلى درجة كبيرة بتخليقها وإصلاحها وتحديثها. وهكذا أكد الوزير الأول في التصريح الحكومي أمام البرلمان يوم 22 نونبر 2002 على أنه: " فمما لا شك فيه أن القضاء الفعال يعتبر الأداة الضرورية لحماية الحقوق والحريات، والعنصر الأساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع الاستثمار، وتأمين استقرار المعاملات. لذلك ستواصل الحكومة المجهود الرامي إلى تطويره وتفعيله قصد الرفع من مصداقيته وسمعته، وتحسين أدائه، وضمان سرعة تدخله حتى يرقى إلى مصاف  الأجهزة القضائية المتطورة ."

6.  الوعي الوطني الشامل بضرورة الإصلاح.

             يتفق الجميع من أحزاب سياسية ونقابات مهنية ومنظمات غير حكومية ومنتخبين وفاعلين اقتصاديين ومثقفين وصحافيين وعموم المواطنين على وجود ضرورة قصوى لاصلاح العدالة ويطالبون بعدالة ذات مصداقية ومنصفة ومستقلة وقوية ومؤهلة وفوق الشبهات ، عدالة في المتناول عالية الكفاءة.

            كل هذه المميزات التي تم استعراضها أعلاه والمستقاة من ثقافتنا وتاريخنا ومشهدنا المؤسساتي، ومن إرادة الإصلاح المعبر عنها على أعلى مستوى في الدولة ومن الالتزام السياسي المتفق عليه وغير القابل للمراجعة ، ومن آمال وتطلعات كل أفراد الأمة تشكل في نفس الوقت المحرك والإطار المرجعي للإصلاح

v          المبحث الثاني: المحاور الكبرى لخطة الإصلاح انطلاقا من الخطاب الملكي السامي لذكرى ثورة الملك والشعب 2009.

1- تعزيز ضمانات استقلال القضاء :
    
       إن تعزيز ضمانات الاستقلالية لا يمكن أن تتأتى إلا بإيلاء المجلس الأعلى للقضاء المكانة الجديرة به كمؤسسة دستورية قائمة الذات وتخويله حصريا الصلاحيات اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة وإعادة النظر في طريقة انتخابه بما يكفل لعضويته الكفاءة والنزاهة ويضمن تمثيلية سنوية مناسبة لحضور المرأة في سلك القضاء حسب قول جلالة الملك.
     و من جهة أخرى وفي نفس الإطار أكد جلالته على ضرورة مراجعة النظام الأساسي للقضاة في اتجاه تعزيز الاحترافية والمسؤولية والتجرد ودينامية الترقية المهنية وذلك في ارتباط مع إخراج القانون الأساسي لكتاب الضبط وإعادة النظر في الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائية.

2- تحديث المنظومة القانونية :
    
        يتعلق الأمر بالمحور الثاني من محاور الإصلاح حيث أكد جلالة الملك في هذا الصدد على ضرورة تحديث المنظومة القانونية ولا سيما ما تعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار ، وضمان شروط المحاكمة العادلة ، وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة تقوم على مراجعة وملائمة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية ومواكبتهما للتطورات.
   كما أضاف جلالة الملك في هذا الصدد : " يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح والأخذ بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء القرب"".

3-  تحديث الهياكل القضائية والإدارية:
              
             إن تحديث الهياكل القضائية والإدارية يتطلب نهج حكامة جيدة للمصالح المركزية لوزارة العدل وللمحاكم، تعتمد اللامركزية وذلك بغية تمكين المسؤولين القضائيين من الصلاحيات اللازمة بما في ذلك تفعيل التفتيش الدوري والخاص بكل حزم وتجرد وكذا اعتماد تنظيم قضائي عقلاني يستجيب لمتطلبات الاصلاح.

4- تأهيل الموارد البشرية:
              
             إن تأهيل الموارد البشرية أصبح ضرورة قصوى، إذ سيمكن لا محالة من الرفع من النجاعة القضائية، والتأهيل في هذا الإطار سوف يتأتى غن طريق التكوين المستمر للقضاة والموظفين خاصة في الميادين التي تعرف تسارعا في المستجدات المعرفية ونذكر على سبيل المثال قانون الملكية الفكرية وقانون المنافسة وكذا القانون التجاري والبنكي. وقد ركز الخطاب الملكي بهذا الخصوص على تأهيل هذه المواد تكوينا وأداءا وتقويما.
        وحيث أن العنصر البشري يعتبر الركيزة الأولى والدعامة الأساسية لكل إصلاح أو تحديث فمن الضروري إشراك القضاة والموظفين وفق مقاربة مساهماتية من أجل البحث عن حلول أنسب لكل ما من  شأنه أن يعترض السير العادي للمرفق القضائي.


5-  الرفع من النجاعة القضائية:
              
             من أبرز المعضلات التي تنخر جسم القضاء المغربي هو البطء الشديد في تنفيذ الأحكام، وهو ما يعكس صورة سلبية عن القضاء المغربي لدى المواطنين الذين تهتز لديهم مصداقية السلطة القضائية غير الحريصة على تنفيذ الأحكام القضائية بالسرعة اللازمة.
            ويرى المتتبعون لمسألة النجاعة القضائية أن إشكالية تنفيذ الأحكام تتطلب تنظيم أقسام التنفيذ على أساس إحداث قاضي التنفيذ بكل محكمة مع محاولة حل إشكالية أعوان التبليغ والعمل على إدخال المعلوميات إلى جميع أقسام التنفيذ تسهيلا لمراقبة جميع الملفات التنفيذية.



6-  تخليق القضاء:

              في هذا المجال أكد الخطاب الملكي السامي على " تخليق القضاء لتحصينه من الارتشاء واستغلال النفوذ ليساهم بدوره في تخليق الحياة العامة بالطرق القانونية "
             إن تخليق القضاء يلعب دورا مهما في جعل المتقاضي يحس بالطمأنينة وهذا في حد ذاته مكسب للقضاء المغربي إن فٌعل تفعيلا أمثل وذلك بالضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المتاجرة بقضايا المتقاضين ولعل التفكير في خلق خط هاتفي مجاني قصد التبليغ عن أية محاولة رشوة أو ارتشاء من شأنه لا محالة التقليص من تصرفات لا مسؤولة تسيء لسمعة القضاء.


v                 المبحث الثالث: دور كتابة الضبط في إصلاح القضاء.

1.                                                        تكريس سياسة التكوين الأساسي و المستمر لكتاب الضبط.

         إن التكوين وماله من وقع كبير على تحسين المردودية و الرفع من مستوى العمل بجهاز كتابة الضبط، وتطوير المعارف وتلاقح الأفكار من خلال اللقاءات بين موظفي كتابات الضبط، سواء على  الصعيد الجهوي، أو الصعيد الوطني، يحتم تحفيز الموظفين عل قبوله و الإستفادة منه والإفادة به .
        و كما هو معلوم فللتكوين قنوات عديدة تختلف حسب الجهة المعنية به، تكويــن أساسي، تكوين مستمر، تكوين جهوي، تكوين إعدادي لتحمل المسؤولية أولإجتياز الامتحانات المهنية .
ولتحقيق الاهداف المنشودة من التكوين يجب:
-  تحديد الاحتياجات في ميدان التكوين، و أن يلامس جميع نواحي العمل اليومي وخصوصا تلك الجزئيات التي قد يكون لها وقع سلبي على مردودية الموظف.
-   وضع بين يدي الموظف العروض والأبحاث المتعلقة بانشغالاتهم و التي تم تزويد المحكمة بها من طرف المديرية الفرعية الجهوية.
-  استغلال موقع وزارة العدل في الانترنت، والاستفادة من المواضيع والدراسات والأبحاث المنشورة به.




2.                                                       تعزيز اختصاصات رؤساء المصالح.
       
              بالنظر إلى المهام التي يزاولها رئيس المصلحة يتبين لنا أنه تسند إليه مهمتان أساسيتان ألا وهما: مهمة إدارية وأخرى مالية.
            فمن حيث المهام الإدارية فإنه يسهر على التدبير والتسيير الإداري للموظفين العاملين تحت إشرافه، وتسيير المصلحة كمرفق عمومي، وإن كان من الناحية القانونية والعملية يتقاسم هذا الاختصاص مع رئيس المحكمة طبقا للمادتين 17 و19 من ظهير 15/7/1974 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي.
           أما على المستوى المالي فيعتبر رئيس مصلحة كتابة الضبط مسؤولا شخصيا وماليا على المحافظة عن  القيم والأموال المكلف برعايتها وعلى حسابات الصندوق أو الصناديق المتواجدة داخل المحكمة الواحدة، وكذا الأموال المحجوزة، و الأشياء الثمينة، و رغم ذلك لم ينص النظام الأساسي على الضمانات القانونية والوظيفية في حالة وجود أي خلل في الحسابات المودعة لدى الصندوق هذا بالإضافة إلى عدم النص على استقلالية هيأة كتابة الضبط .
            لذا يتعين تحديد اختصاصات رؤساء المصالح وتقنينها، وتوسيعها، حتى يتأتى لهذه الفئة من موظفي كتابات الضبط القيام بالمهام الموكولة لها على أحسن وجه، واتخاذ القرارات والحلول الناجعة والسريعة، لخدمة الوافدين على المحاكم، وتحقيق المطالب التي يلجون هذه الأخيرة من أجلها، وتعزيز الدور الهادف والمهم الذي يقوم به رئيس المصلحة من الربط بين مختلف أقسام المحكمة الواحدة من جهة، وبين مختلف المحاكم من جهة أخرى لتحسين العمل الإداري، هذا مع إحداث منصب نائب رئيس مصلحة كتابة الضبط وتمتيعه بتعويض مناسب.
3.                                                        تعميم الإجراءات الإلكترونية وخلق شبكة موحدة بين جميع المحاكم.
               
               ساهمت المعلوميات و بشكل ملحوظ في تحديث آليات جهاز كتابة الضبط باعتبارها أداة تكنولوجية أتت ليسر العمل و الرفع من الإنتاجية، إذ لا يخفى على أحد منا أن جهاز كتابة الضبط ظل و لمدة كبيرة من الزمن  يشتغل بآليات تقليدية و متجاوزة، إذ  أصبح لزاما التقدم نحو الأمام و استعمال طرق ناجعة، والانفتاح على عالم تكنولوجيا العصر الحديث، بحيث أثبتت جدواها في الميدان القضائي والقانوني وذلك بتسهيل الإجراءات والصعوبات التي تعترض المتقاضي.
إذ يجب وفي نفس السياق خلق شبكة انترنيت بين مختلف محاكم المملكة لتوحيد الإجراءات، بين مختلف الأقسام و الشعب لكافة المحاكم و اتباع مساطر موحدة، كما أن ذلك سيخول لمصالح   كتابات الضبط التواصل والتشاور بين مختلف مصالح المملكة.

4.                                                        التعجيل بقانون أساسي محصن ومحفز لهيئة كتابة الضبط.

          انسجاما مع تطلعات موظفي قطاع العدل، وانسجاما أيضا مع الخطاب الملكي السامي بتاريخ 29 يناير 2003 بشأن إحداث نظام أساسي محفز ومحصن لفائدة هيئة كتابة الضبط، وانسجاما أيضا مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية لسنة 2008 بشأن إصلاح شامل وعميق للقضاء، وكذا الأسس والمحاور التي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة و الخمسين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009،  وكذا ما ورد في مذكرة إصلاح القضاء التي أصدرتها عشر جمعيات وطنية ودولية و التي أجمعت على أن قطاع العدل و منه جهاز كتابة الضبط يعاني من مشاكل حقيقية تؤثر سلبا على الرسالة النبيلة التي ينهض بها القضاء و المتمثلة فيما يلي:
-      دوره الريادي في إقرار دولة الحق والقانون
-      دوره في إرساء دعائم الديمقراطية و ضمان الحريات العامة.
-      دوره في تكريس احترام الآخرين.
-      دوره في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
-      و أخيرا من خلال كونه مجالا حيويا في تجسيد الهوية الإسلامية للمغرب.
و انسجاما مع كل ما ذكر بات من الضروري الدفاع عن جملة من المطالب تضمن استقلالية تامة لهيئة كتابة الضبط و تحصينا وتحفيزا لها، و يمكن إجمالها باختصار شديد فيما يلي:
o      تحسين الدخل.
o      الترقية.
o      إصلاح النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط من خلال:
§       اعتبار هيئة كتابة الضبط هيئة مستقلة هيكليا و وظيفيا.
§       الاستجابة لمطلب التحفيز و ذلك عن طريق:
·   التنصيص على الحماية القانونية لموظفي كتابة الضبط أثناء مزاولة مهامهم استجابة لمطلب التحصين المنصوص عليه كذلك في خطاب 29 يناير 2003، وهذا من شأنه تحفيز الموظف أكثر.
·       وضع منظومة محفزة للأجور و الرواتب والتعويضات.
·   وضع برنامج للتكوين الأساسي و التكوين المستمر، يخدم الجودة والشفافية، في الخدمات داخل القطاع، وتعميمه.
·       توصيف حقيقي للوظائف والمهام داخل كتابة الضبط.
o      الحكامة الجيدة.
o      إعادة النظر في هيكلة كتابة الضبط..
o      تحسين ظروف العمل.
o    فتح المجال أمام موظفي كتابة الضبط لولوج القضاء والمهن القضائية الأخرى بشروط تفضيلية.
o      تحسين الخدمات الاجتماعية.
o   إعطاء دور حقيقي وفعال للمديريات الفرعية في تدبير الشأن المحلي، وتزويدها بالكفاءات والموارد المناسبة.
               و من خلال دراستنا للمشروع المقترح على الوزارة نلاحظ  أنه لم ينص على استقلالية جهاز كتابة الضبط وكذا خلوه من الضمانات القانونية في حالة وجود أي خلل وظيفي ناتج عن أخطاء مهنية وما ينتج عنها من مسؤوليات قد تكون جنائية.
            إن مهام كتابة الضبط تتسم بجسامتها وخطورتها والنظام الأساسي يجب أن يشمل كل ما يضمن تحفيز العاملين بالقطاع ويوفر النقلة النوعية لوضعية الموارد البشرية لقطاع العدل في أفق مشروع الإصلاح الشامل للقضاء .

 انتهى بعون الله وتوفيقه
أعده و قدمه كل من:
رشيد بنحدية: منتدب قضائي بمحكمة الاستئناف بمراكش
عبد الرزاق بن صمود: منتدب قضائي بمحكمة الاستئناف بمراكش
مراكش في: 28/05/2010


جديد قسم : كتابة الضبط